أحد القضايا العالقة والملحة:
في تاريخ البشرية منذ الأزل هو البخل ونشأته وانتشاره في الأشخاص وكيف يمكن التأقلم مع هذه الظاهرة او تجنبها، باعتبارها من الصفات والطبائع التي يسعى المرء دومًا إلى الانفصال عنها بسبب غالبا ما تكون تأثيرها سلبيًا على العلاقات الاجتماعية، مما يؤدي في النهاية إلى نشوء جو من عدم الاستقرار وعدم السعادة بينه وبين من يحيط به.
في هذا المقال، سنبحث في طبيعة البخل وأسبابه وتأثيره على المجتمع وعلى الشخص الفرد، وكذلك سنحاول إقناع المجتمع بضرورة التخلص من جذور هذه الظاهرة لبناء عالم مترابط ومتحاب بما يدعم روابط المحبة والود فيما بيننا كبشر.
البخل عيب طبيعي لدى الإنسان وليس حكرًا على أي شخص أو مجتمع معين، بل هو ظاهرة مستعصية تستوجب التعامل معها بفهم ووعي وإدراك بجدية ودقة النظر. وذلك لأنها تتجلى بأكثر من شكل من أشكالها فالبخل النفسي قد يؤدي في النهاية إلى البخل المادي.
من الأسباب المساهمة في تشكّل البخل في نفوس البشر هي عدم ضمان استمرارية الثروة والموارد، فجيلًا بعد جيل نجد بأن الإنسان يتحفز بشده لتوزيع موارد مستقبلية، وفي رأيه فاللازم لاستمرار التحصيل هو التقدير السليم للحياة حتى تعود وتُظهِر مصادر استقراره ويعيد السعي لصالح الجميع.
تأثير البخل على المجتمع متعددة ومتنوعة. تبدأ في الأسرة حيث يؤثر البخل على علاقة الأب بأولاده وزوجته ويجعله يسيطر على الآخرين وتظلمهم، بعدها ينعكس البخل على العلاقات الاجتماعية والعملية داخل المجتمع إذ يقع المبخلون تحت طائلة الاستروانية والاحتقار من قبل زملائهم وجيرانهم، قد يؤدي ذلك إلى فقدان احترام الذات وعدم تأييد الآخرين له.
من جهة ثانية، يستنزف البخل الإنسان من قدرته المعرفية على التطور الذاتي، يكتفي البخيل بما لديه من مواهب ومهارات لكنه لا يجد أي دافع لتعزيز وتحسين قدراته. إذا كان البخل بقي على حاله يُعتَبَر مؤشرًا سلبيًا لارتكاب سلوكيات غير مقبولة في مجتمعنا مثل الخداع والسلب، مشيرة إلى فقدان القيم الأخلاقية بين الناس فضلا على تدهور الرأي الشخصي الذي يؤيد قرار تكوين قيم البخل أو زيادة االبخل مستقبلا.
ولمواجهة ظاهرة البخل، يتعين على المرء أن يتصدى لها ويحاربها من محاربة أسبابها الداخلية واستبدالها بأفكار وقناعات جديدة حول الحاجة الماسة للاتحاد والجمع بين أفراد المجتمع في أوقات الأزمات والصعوبات الحياتية الشديدة، ورغبة المرء وأسرته وبيئته المحيطة به في مشاركة هذا أو ذلك بما لديه من موارد وثروات مادية أو معرفية.
اتساءل بشده، هل للبعض التواتر عن الضرورة على مواجهة ظاهرة البخل ومكافحتها؟ وهل للحديث عن أهمية التضامن بين أفراد المجتمع في أعمالهم المشتركة والسؤولية الكبيرة لظهور عيوب البخل بشعور ربيع الدروب المأمولات وتطلعاته؟
هذه هي التساؤلات التي يجب أن يبقى أحدنا بها طيلة حياته، فإن الآلام التي يعانيها المجتمعات أدراها، قد قيمت المظاهر المتصاعدة في مؤشرات البخل زيادة الفقر المستعصية وعرقلت تقدم الشخص بعيدًا عن الإنسان حيث يقف مقابل.
ونحن نأمل أن تكون هذه المقالة مفيدة وتحفيزية للقارئ الكريم في التفكير والتساؤل عن البخل وتأثيره على حياته الاجتماعية والعملية والنفسية بصورة عميقة ودقيقة يكون فيها الحل السليم والابتكار الجاد للتغيير للأفضل، على منظور المشاعر والمصالح المتبادلة بين الأفراد وكيف يمكن لكل فرد أن يسهم في تحفيز المجتمع للقضاء على هذه الظاهرة المتجذرة والعمل على إقامة جيل واعي ومسؤول ومتعاطف بالآخر، يتحلى بالسماح والكرم والعطاء.
تطوير الشعور بالسماح والكرم يكمن في تغيير النظرة المتشددة والرغبة للتغير واعتناق قيم جديدة تؤكد على أهمية العطاء والتسامح فضلا عن تقدير الآخ واحترامه. يتسم بقيم المحبة والود دورًا هامًا في معالجة هذه الظاهرة والوقاية منها، حيث يساهم تعزيز الروابط الإنسانية وإيجاد تواصل بين الأفراد في تحقيق تناغم وتفاهم يحجب بشكلٍ فعال تظهر باسم البخل، وهذا يعمل على تكوين مجتمع مترابط ومحكم البنيان قادر على مواجهة الأزمات والتحديات الكبرى بصورة جيدة وثولجية
بالإضافة إلى ذلك، من الضروري للفرد أن يكون صابرًا ويمتلك طموحًا للتغيير لمعرفة قدراته الكامنة. يقوم توجيه المختصون في سبيل تكوين مجتمع مبني على المحبة والسماح بتحفيز الفرد في البحث عن نفسه وتحليل نقاط قوته وضعفه في سبيل التطور والنمو الشخصي.
وفي حالة الإصرار على تحقيق التغيير الإيجابي، يمكن للفرد أن يتوغل في تحليل التأثيرات النفسية للبخل على العلاقات الاجتماعية والشخصية لحياته، ويعمل على توجيه الطاقات السلبية إلى إدراك جديد عن السماح والعطاء.
في المجمل، يتعين علينا الوعي بأن القتال ضدّ البخل ليس محدودًا على الفرد بل هو مهمة تستدعي جهودًا مشتركة من كل أفراد المجتمع.
البخل ليس مستقرًا ولن ينمو ما لم يواجه بصورة رادعة وقاطعة توطئ ترسيخه في قلوبنا وعقولنا.
فلنعمل جميعًا سويًا على محاربة هذه الظاهرة السلبية ولنعمل على تنمية القيم الأخلاقية في توجه لإعادة الناس إلى مسيرة الود والسماح, ونأمل في نهاية المطاف أن ننشئ مجتمعًا صحيًا ومفعمًا بالألفة والتكافل والمراعاة للآخر في الظروف الاقتصادية والاجتماعية لحياتنا.