ماذا تفعل ياسيدي من الصباح حتى المساء؟
تسدل الصباحات ألوان رائعة من الوردي والبرتقالي في حين تغلف المساءات الأرض بغطاء من العتمة.
تمر الساعات بين الفجر والغروب، وبينما العالم حولي ينغمس في الأعمال والمهام، أجد نفسي أحتمل نفسي.
البعض قد يشعر بالقلق أمام هذا الاعتراف ، فالحياة تتطلب العمل والنشاط ، ولكن الحقيقة أن تحمل النفس أصعب بكثير من المهام العادية والحياة الروتينية. ربما تحمل أوزانًا ثقيلة، أو تقيم اجتماعات صعبة، أو تنظم جدول عمل مكتظ، ولكن حمل النفس يتطلب شيئًا أعمق. يتطلب الانصات للذات والتعامل مع الخواطر والأحاسيس والمشاعر التي تستُنزِف الطاقة، وتتطلب الجهد الكبير.
مع بزوغ الفجر وقبل أن يظهر أول أشعة الشمس، أبدأ يومي مع مراقبة النفس محاولا الوصول لأعماقي. أسأل نفسي عما أشعر به في هذا الوقت الهادئ، عما يدير نفسي وعما يثير حماسي وماذا يثير قلقي. ثم أعود لاستكشاف الأفكار والأحاسيس التي تكمن في طيات النفس، واحاول التعامل معها والتفاوض معها.
تستمر رحلة حمل النفس مع وقت الظهيرة. في هذا الوقت، يقتصر العالم حولي إلى بحر من الألوان والأصوات والحركة، ولكني أحتفظ بكل التركيز علي النفس. مع كل تفصيل صغير في اليوم، بين القهوة المرة والرسائل الكثيرة، أجد الوقت لمقابلة الذات والتعامل معها.
وعندما يحل المساء وتهدأ حركة العالم، هنا يأتي الوقت للتأمل والتفكير فيما مر على النفس خلال اليوم. في هذه الساعة، أعيد تقييم تجربتي مع الذات، وأستعرض الأفكار والأحاسيس التي مررت بها. أحاول البحث عن أي اتجاهات أو أنماط تظهر وأنا أتعامل مع النفس، وأحاول العمل على تحسين هذه التجربة.
الحياة ليست فقط عبارة عن مجرد سلسلة من الأحداث، بل هي أيضًا صراع ضمني مع الذات والمحاولات المستمرة لفهمها واحتوائها. يقول البعض أن الحياة تتطلب الحركة، ولكن في رأيي، الحياة تتطلب أيضًا الركود والتأمل. "ماذا تفعل ياسيدي من الصباح حتى المساء؟ أتحمل نفسي": هذه ليست مجرد كلمات بل هي رسالة عميقة عن تحمل الألم والسعادة والتشويش والهدوء اللذين يأتيان مع حمل الذات. هذه هي رحلتى مع الذات.
This work by Yahya Alnajrani is licensed under © Attribution-NonCommercial-NoDerivatives 4.0 International
© هذا العمل ليحيى النجراني ومرخص بموجب حقوق النشر. يُمنع استخدام هذا العمل لأغراض تجارية، ويُمنع نسخه أو اقتباسه إلا بذكر اسم المؤلف.